Add your promotional text...
حتى تظل الموعظة حسنةً
إلى الخطباء والوعاظ
م.عمر نمر
4/28/20251 دقيقة قراءة
My post content
المقال هذه المرة يأتي في رمضان حيث يكثر إلقاء المواعظ والدروس الدينية في المساجد أو في غيرها، فالمسلم يجتهد في هذا الشهر بالصيام والقيام، ويكون شعوريا مقبلاً على الاستماع للمشايخ لعله يجد عندهم ما يرقق قلبه ويرطبه بذكر الله . لكن وللأسف فإن الوعظ وإن كثر من يقومون به فإن القليل منهم من يحسنه | نعم قليل فهناك عدد كبير من طلبة العلم و الدراويش والناس البركة كما يقال - يستسهلون القيام بالوعظ ولا يعتقدون أن الأمر بحاجة لعلم أو اجتهاد ! فالمسألة برمتها عندهم بث كلمات رقراقة أو مجلجلة لجعل الناس في بكاء أو خوف | ولا يدري هؤلاء أنهم في بعض الأحيان لو سكتوا لكان أفضل، فكم من الناس من نفر من دينه أو ساء ظنه به، أو حتى كذَّب الله ورسوله ! بفعل بعض تلك المواعظ . ولهذا كان لابد من أن نسلّط الضوء على بعض النصائح لمن يريد القيام بالوعظ قبل أن يلحق الأذى بنفوس إخوانه من غير قصد :
1. التسبب بالاكتئاب للمستمع ليس وسيلة جيدة لإعادته لدينه ! التهويل المستمر وقصص الحزن وتلوين الحياة باللون الأسود والحديث الدائم عن الموت بشكل زائد قد تؤدي إلى التسبب بالاكتئاب للمدعوين وقد يصبحون ملتزمين ولكن لا ينتفع الدين والناس منهم، ولعلهم صاروا دعاة جدداً للاكتئاب. نعم لفت نظر المسلم إلى مخاطر عصيانه لربه أمر هام وبيان العاقبة أمر مطلوب لكن لفت نظره إلى نعم الله عليه، والطيبات التي رزقه اياها في الدنيا هي أيضا أمر هام فإذا كنا نعلم الناس الاستغفار فلابد أيضا أن تعلمهم الحمد والتسبيح تذكر “ بشروا ولا تنفروا”
2. تعلم التثبت مما تقول وخاصة إذا اتصل الأمر بقول منسوب إلى النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام، فكم من المرات ياتيك الواعظ بحديث غريب بل ويخالف المعقول، ويجعل المستمع في سوء ظن من دينه وبعد مدة يكتشف من أهل التحقيق أن الحديث موضوع ! ألا يجوز لك أن تتعب قليلا وأنت تبحث في الأحاديث الشريفة أم أن إضافة التشويق لكلامك أعماك عن ذلك ؟! ألا تخش أن يفتن مسلم عن دينه لشيء سمعه منك؟
3. أما قصص الأنبياء فهي أخبار عن أفضل خلق الله يبتغى من سردها الاعتبار والفهم وطمأنة القلب وليست قصص ما قبل النوم وبالتالي يجب عليك أن تلتزم بصحيح ما ورد ، ودع عنك الاسرائيليات والخرافات التي ألصقت بهم، ويا ويلي ما أكثرها حتى تسمع أحياناً ما يطعن في خلق الأنبياء ! إن معتقداتنا عن الأنبياء جزء من العقيدة، فانتبه أن تحرّف في عقائد الناس.
4. قبل التحدث في الأمور العلمية والتكنولوجية اسأل أهل الاختصاص ولا تحدث بكل ما تسمع، فأحياناً يأتي بعض الوعاظ بكلام يريدون به تقوية المشاعر الدينية لدى المستمعين ويقولون أمورا في الطب أو الأحياء أو الفيزياء أو الطاقة يسع بها أحد ثم للدين، وإذا نظرت فيما يقول تجده غير مدرك لما قال، بل قد يكون العلم في عكس ما قاله فيضع الناس في حيرة من دينهم ! يا أخي الدين لا يحتاج أن تكذب لأجله بل يحتاج توقفك عن نشر ما لا تعلم ! وإذا نشرت فلا تضيفه للدين.
5. الدين يسر فلا تعسره على الناس، ويا أسفاه على الطريقة التي يتبعها بعض الوعاظ في الالقاء والدرس حتى حينما يطرحون مسائل في العلوم النفسية أو فقهيات الطهارة أو العقيدة، فلقد وجدنا الكثير من الناس قد وقعوا فريسة سهلة في فم الوسواس !
6. أرجو عدم التقليد فأنت لست الشيخ كشك ولا إمام الحرمين، أرجوك تكلّم على سجيتك ومن قلبك اسع أن تغير حال الناس للأفضل وتحدث من قلبك فهذا أنفع وإن قل كلامك، ودع عندك تقليد الشخصيات، فهذا وإن أثر في نفوس حاضريك لبرهة فهو زائل بعد ذلك.
7. أطلب منك التحدث بطريقة يفهمها الناس، ولا تتعب نفسك في البحث عن غرائب الكلمات والسجع في الخطاب، فالناس لم يأتوا ليسمعوا قصائدك بل لتذكرهم بالله . ولا عيب لو تكلمت بالعامية فقد تكون أكثر تأثيرا في نفوسهم. وأذكرك بقول لعلي بن أبي طالب كرم الله وجهه حَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُونَ أَتُحِبُّونَ أَنْ يُكَذَّبَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ؟ "
8. الموعظة القصيرة أبلغ وأكثر تأثيرا من تلك المطولة، واخش علي مستمعيك من السامة !!
9. إن في الدين الكثير مما ينبغي تعليمه للناس أو تذكيرهم به فلا داعي ولا حاجة للبدع ! ألا يكفيك أن تحدث الناس عما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا تزيد. نريد أن نجمع الناس على الثابت من دينهم ولا داعي لتفريقهم على بدع واختراعات.
10. أرجو أن يكون حرصك منصباً على هداية الناس لا على مناكفة خصومك من أبناء التيارات الأخرى وتنفير الناس منهم، فأغلب العوام لا يعلمون شيئاً عن الحركات الإسلامية ولا المذاهب، وكلامك التجييشي لا يساهم إلا في مزيد تخبط عندهم والحيرة في ماهية الدين ولا يكن لسان حالك أن من يتبعنا في الجنة مهما بدر منه وغيرنا في النار مهما أصاب !"
11. إذا كنت مفتوناً بأحد المشايخ، فهذا شأنك أنت وأنت معني بالدعوة إلى الله لا إلى شيخك، وكفاك إصباغ ألقاب الكمال عليه بغية تحبيب الناس فيه، فكل يأخذ من قوله ويرد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلّم.
12. أيهما الواعظ من طلبة العلم أو الدراويش، أنت لست مفتياً ولا قاضياً، فلا يغرنك وقوفك أمام الناس واستماعهم إليك فيحملك على الفتيا ! ولا تخش قول لا أدري أو لست بأهل لهذا فهو الأسلم لك قبل أن تكون السلامة لهم.
13. إذا تحدثت في مسئل خلافية بين أهل العلم فلا تجعلها من المعلوم من الدين بالضرورة ! ولا تكفّر أو تفسق من خالفك، فلعلك تغير رأيك لاحقاً.
14. كف عن المبالغات والتهويل ، فليس كل مسؤول فاسد، وليس كل الغرب معادٍ لنا، وليس كل من خالفك طالح، وليس كل من تبعك صالح ! وإذا حصل أمر فقد حصل مرة لا ملايين المرات، وإذا أخطأ أحدهم فلا يعني قطع الرجاء من أن يصيب في أخريات. دع عنك أساليب السخرية والتهكم من الآخر، دع عنك السباب والشتم ولا تتوهم فيه تشويقاً لكلامك !